إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 15 أبريل 2012

المدونة تنشر محاضرة مدير أخبار نواكشوط الفاغ ولد الشيبانى


مدير أخبار نواكشوط والزميل الفاغ ولد الشيبانى
  تقع هذه الورقة، في دائرة التحسيس  والتعبئة  حول  قيمة الفعل الإعلامي عامة والصحفي خاصة، في المجال التعليمي، باعتباره مرآة  عاكسة للواقع التعليمي  بكل  ابعاده  الفكرية والنطرية  والتخطيطية  والتنفيذية  في مقابل اكتشاف  قدرة لإعلام على التغيير




يعد مجال التربية والتكوين والتأهيل أو ما يسمى في عموم الثقافة بالتعليم مجالا  مهما  يتعاطى معه الإعلام بمختلف أصنافه وأنواعه حيث يعتبر مجال الإعلام في المجتمعات الحية السلطة الرابعة التي تمتلك قوة التغيير وصنع الرأي العام المؤثر في القرارات الحاسمة للسياسة العامة والتسييرية للمرافق العمومية  


 وبما أن مجال التعليم  أحد وكالات   التنشئة الاجتماعية  من حيث مجال لتكوين المواطن الصالح وإنسان الغد   كان مجالا للإعلام  كباقي المجالات الحياتية الرسمية التي يقاربها الإعلام.  غير ان الأمر لا يقتصر علي ذلك البعد التربوي لوحده فهناك جسور أخري من بينها أن الإعلام مجال إخباري، والتعليم في موضوعه وقضاياه وأحداثه مجال إخبار،  ،   حيث  يطلع الإعلام الرأي العام الوطني على قضايا التعليم ومشاكله التي يعيشها وموضوعاته التي يعالجها. ويكون للمواطن فردا أو جماعة أو مؤسسة أو هيئة رؤية عامة أو خاصة به أو بها تجاه التعليم، بل في كثير من الأحيان يشكل له رأيا عاما حول التعليم من حيث هويته وكينونته المادية والوظيفية والأدائية الإجرائية وسحنته الوطنية، كما يعمل على التأثير في المشهد التعليمي الوطني إيجابيا أو سلبيا، ويؤدي إلى حل مشاكله وإشكالاته أو إلى تعقيدها.
 ومن جهة  فإن  مجال الإعلام مجال ثقافة ضمن حدود معينة، بما هو نشر للدراسات والبحوث والأوراق   ضمن ملاحق ثقافية أو أدبية أو فنية أو تراثية … وبما هو كذلك تغطية للمحافل الثقافية والندوات والملتقيات والمؤتمرات الفكرية. والتعليم مجال ثقافة كذلك بما هو مصدر مهم من مصادر معارفها ومعلوماتها وتأريخ لأحداثها ووقائعها وآثارها وحفظ لمآثرها وشخصياتها ومبدعيها ومفكريها.  
يضاف إلي ما سبق  أن الإعلام والتعليم يمثلان مجالا علم ومعرفة، حيث الإعلام خصص الكثير من وسائله لنشر العلم مكتوبا أو مسموعا أو مشاهدا أو إلكترونيا. وكذلك التعليم طبيعة كينونته المادية موضوع علم  ، لوجود بعد البحث العلمي فيها منهجا وغاية وأداة. فكلاهما يمد المواطن بالعلم بمفهومه الشامل   فيغذي كلاهما حقينة الآخر العلمية، ويكتملان من أجل بناء الصرح العلمي للإنسان والمواطن.
ولعل قراءة موجزة للصحف المكتوبة على الأقل وللكتب المدرسية المقررة تبين حجم المواضيع العلمية التي يقدمها الإعلام والتعليم للمواطن كان متعلما أو قارئا.
ومن ناحية  يشكل التعليم  قضية وطنية عامة، معني بها الجميع: أفراد  أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو مدنية أو مفكرين أو المثقفين أو سياسيين أو اجتماعيين أو اقتصاديين أو إعلاميين … ومن هنا تعد شأنا إعلاميا يحق للمؤسسات الإعلامية التعاطي معه بقدم المساواة التي تتعاطى معه الجهات الرسمية بطريقتها الخاصة وضمن اختصاصاتها ومسؤولياتها. خاصة أن وسائط الإعلام تتطور بسرعة هائلة وتتيح للمواطن الإطلاع على مجموعة من المجالات والقضايا في وقت وجيز وبسرعة هائلة. ويسمح له بمتابعتها ونقدها. ما يشكل ضغطا على الجهات المعنية في اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الشأن العام الذي يمس شريحة عريضة من المواطنين.      
  ومن جسوره  بين الاثنين   و ظيفة إعادة الإنتاج بصورة واضحة في المؤسسة التعليمية وفي الإعلام الرسمي وحاشيته التي تدور في كنفه. فيما يتأرجح الإعلام المستقل و( المعارض ) بين منزلة إعادة الإنتاج و إنتاج الجديد المغاير! وذلك وفق المصالح والامتيازات والصفقات التي تتم بينه وبين قوات الضغط إما علانية أو ضمنيا. أو وفق الضغوطات والتهديدات والإكراهات التي توضع في طريقه من قبلها، تارة باسم القانون وتارة خارجه. وهنا أجد بعض الصحف المستقلة تركب على بعض الكتابات النقدية لأجل حصد الامتيازات لفائدة القوة الضاغطة أو الجهة التي تم نقدها، وأقل تلك الامتيازات الإشهار!؟ وهي هنا تخدم إعادة الإنتاج وإن كانت تدعي الاستقلالية. فتوظيف المعرفة في المؤسسة التعليمية كما في الإعلام يعد ( سلاحا أيديولوجيا بهدف تحقيق السيطرة، وتبرير ممارسات السلطة، وترسيخ النظام القائم وإعادة إنتاجه ) ، وهذا ما نجده في بعض وسائل الإعلام.
ولأن الإعلام معني بالحقل الاجتماعي مشاكله وقضاياه وتطوره وصيرورته؛ لذا من الطبيعي   أن يقدم الإعلام نماذج اجتماعية من نسق التعليم، خاصة فيما تؤطره سوسيولوجيا التربية. ويبين البعد الاجتماعي من الفعل التعليمي خاصة أن البعض يعتبر المؤسسة التعليمية أو النظام التعليمي قضية تقنية محضة لا بعد اجتماعي فيها. ولا امتداد لها خارج أسوار المؤسسة التعليمية.

كما أن التعليم  ، يعتبر حقلا اقتصاديا يساهم بقسط وافر في رفد الإعلام ماديا وماليا، نظرا لحجم المبيعات التي تأتي وراء تعاطي الإعلام مع قضايا التعليم. وهو أمر مشروع ومحبذ، لأنه يساهم في تقليص إيجاد فرص الشغل للخرجين من المؤسسة التعليمية سواء جامعة كانت أو معهدا أو مركزا. وبذلك ألفنا الإعلام المكتوب يخصص ملاحق للتعليم، يتخذها منبر لرأيه وسبورة إعلان لمجمل القضايا المطروحة في معيش التعليم، وعلى مختلف موضوعاتها ومشاكلها وإشكالياتها.
 هذا ويشكل الإعلام والتعليم وجهي  عملة واحدة  فيما يعرف بالإعلام المدرسيا لذي يعد أحد متنفسات التعبير والإبداع لدي التلاميذ

ثانيا  ـ توجهات نحو التعليم:
الصحف الوطنية على اختلاف منابعها  ، وتوجهاتها المختلفة  عادة ما تتخذ   نمطا معينا من العلاقة مع التعليم، من حيث:
  ـ الدفاع عن  الخط الرسمي   ، والتحمس  لأطروحاته. وغالبا ما نجد الصحافة الرسمية   تقود هذا الخط، وتدافع عنه في وجه الخصوم، الذين يتخذون من قضايا التعليم ومشاكله رافدا لضرب الخط الرسمي للتعليم.  

 ـ الرافضون المعارضون للخط الرسمي،   فيقصون كل جهد إيجابي أو خطوة صحيحة من صيرورة تطوير التعليم لإبقائها سوداء  
 
  ـ الوسطيون، الذين يذهبون مذهب الوسط وربما التوسط. فيشدون بالإيجابيات ويشيرون للسلبيات قصد التصحيح والعلاج بأسلوب صريح أو ضمني وفق الخط التحريري للوسيلة الإعلامية  ووفق العلاقة التي تربطها بجهة التعليم.  .
 
  مستغلو  تلك الأنماط العلائقية جميعها حيث تساند وتعارض وتتوسط وفق غرضها وهدفها المنشود من القضية المطروحة. وهي مزيج من الكتابات التي قد لا يجمعها خيط رابط سواء في الموضوع أو المنهج أو الغاية. وبذلك لا يمكن تصنيفها وفق إحدى العلاقات المذكورة.  

ويمكن استخلاص، أن هذا الخليط من العلاقات يفصح عن عدم وجود صحافة متخصصة في التعليم. لها استراتيجيتها وخطها التحريري  المحدد باستثناء دورية اواثنتين 



ثالثا  :   التعليم داخل الصحافة  
يري بعض المهتمين  أن هناك أبعادا يمكن  النظر إليها  في مجال معالجة الصحافة للتعليم منها:
  ـ طرح مجال التعليم قضية عامة، معني بها عموم المواطنين للتنوير والمتابعة والفعل. ويتجلى في مجمل المشاكل والأحداث التربوية   كانتهاك حرمة مؤسسة أو طرد تلميذ وغيرها   … والإعلام يطرح هذه القضايا مريدا بها فضلا عن التنوير أن تتدخل الجهات الرسمية المسؤولة عن التعليم لمقاربتها واتخاذ القرارات الحاسمة فيها. من أجل معالجتها لتنتفي عنها صفة الإكراهات أو المعوقات أو الضغوطات أو الخروقات.

  ـ طرح    التعليم قضية إشكالية علمية، ينبثق عنها البحث العلمي في الحقول المعرفية والمنهجية والعلمية لبناء مادة دراسية ومدرسية صحيحة ومتطورة، تساهم في بلورة تعليم متجدد ومتطور مساير لركب الانفجار المعرفي والمعلوماتي. ومبان للكفايات المطلوبة في إنسان الغد. وهو الإعلام بطرحه هذا، يقصد المساهمة في تطوير التعليم من جهته بطريقته الخاصة. وغالبا ما تكون الأقلام التي تكتب في هذا المجال متخصصة في الشأن التعليمي من أساتذة ومفتشين وإداريين وباحثين وطلبة دراسات عليا ودكاترة وغيرهم من المهتمين … في حين نجد الوجه الآخر من البعد العلمي أن تستفيد منه الجهات الرسمية التعليمية.

  ـ طرح  التعليم قضية مجتمعية، لدورها في بناء الأمة والإنسان، وتوق الإنسان ل تكون سلما للترقي الاجتماعي رغم انحسار هذا الدور نتيجة لواقع النظام التعليمي  الهش. والصحافة الوطنية؛ وهي تقدم المجال التعليمي قضية مجتمعية تستهدف أن يساهم الجميع في أن تكون كذلك، من حيث بلورة رؤية موحدة لما ينبغي أن يكون عليه التعليم مضمونا وهدفا وغاية ورسالة وأدوات وآليات … قصد تحقيق دمقرطة التعليم بما يعني المساواة أمامه. وهي كذلك تسترعي اهتمام الجهات الرسمية التعليمية إلى ذلك، من خلال تحقيق الدمقرطة فعليا في المجال التعليمي. والتعاطي معها من منطلق دمقرطة الحياة المجتمعية بكل مناحيها السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية … والصحافة الوطنية هنا تقدم موضوعات الدمقرطة والمساواة والمجانية والنوع والواجبات والحقوق وغيرها من القضايا الاجتماعية المعنية بها المؤسسة كحاضن لها في بنية نظامها التعليمي   ولا توجد صحيفة وطنية تخلو من هذه الموضوعات. وبالتالي كثيرا ما شكلت هذه القضايا موضوعات نقاش أو دراسة أو بحث من قبل الجهات التعليمية المسؤولة في الوزارة.
  ـ طرح   التعليم قضية  برجماتية لجهات معينة لفائدة جهات أخرى، أكانت أفرادا أو مؤسسات أو تنظيمات. مثل   نشره انباء  للحصول على خدمة أو امتياز هنا أو هناك، مدعما من قبل بعض التنظيمات  .

  ـ طرح  التعليم كقضية خبرية، باعتبار التعليم مجال خبري  شاسع  مساحة العلائقية القائمة بينه وبين المتدخلين فيه، وبينه وبين شركائه، وبينه وبين مكونات المجتمع عامة

  ـ طرح   التعليم قضية علم ومعرفة، حيث تفيد الصحافة في مجاله المواطن بمجموعة من المعارف والمعلومات والقيم والسلوك    

 الكتابات عن التعليم:
ـ الكتابة الأولى: كتابة المختص المدقق، الذي يولي موضوعه العناية الفائقة في الحقائق والدراسة والتحليل والسبك والمتانة والمنطق والموضوعية   .  وهذا النوع من الكتابات كثيرا ما يعري عن الحقائق بالحجة والبينة التي لا يمكن دحضها أو نفيها. وهو نوع من الكتابات التي تحدث رجات في الجهات المسؤولة خاصة إذا اتسمت بالنقد البناء، الذي يعطي البديل ويبين الصواب من الخطأ.
 نجده في سياق بعض الأوراق والملاحق التربوية يعلن عن نفسه في أسماء محددة ومعينة في هذه الجريدة أو تلك.

ـ الكتابة الثانية: وهي كتابة غير مختصة وتحاول تكون أقرب إلى القارئ العادي، بالبساطة والسهولة في مقاربة مجال التعليم.      

ـ الكتابة الثالثة: كتابة هشة،  ، وفيها   ما يؤثر سلبا على التعليم،  ؟   ويري المختصون  انه يجب على الصحافة أن تنأى بنفسها عن مثل هذه الكتابات و المطلوب أن تساهم الصحافة بقسط وافر في تطوير مجال التعليم وتحسينه من خلال الموضوعات العامة النافعة في مقابل التعاطي بحكمة مع المواضيع الخاصة


اسئلة جوهرية
في نطاق ما سبق يمكن طرح عدد من الاسئلة
: ما الإعلام المختص في المجال التعليمي؟
ـ ما دوره؟ ما مسؤوليته؟ ما حدود تدخلاته؟
ما قدرته على الفعل؟كيف يؤثر في مراكز القرار؟
ـ كيف يساهم في بلورة تعليم متطور متجدد؟ 
  أسئلة يمكن الانطلاق منها إلى مساءلة الكائن من الإعلام عامة والصحافة خاصة حول هويته ككائن وأداء مهنيين؟ وما موقعه من التعليم الموريتاني حاليا؟ ….





ليست هناك تعليقات: