الفاغ ولد الشيباني - صحفي ـ موريتانيا -elfagh@yahoo.f |
جاء ت عملية الإنقلاب ي الجارة مالي مخيبة لآمال العديد من النخب التي آمنت بأهمية الديمقراطية في افريقيا جنوب الصحراء بعد أن ظل النموذج المالي حاضرا منذ التسعينات حينما تم الإطاحة بنظام موسي اترواري القوي ، وجاء العسكريون برئاسة آمادو توماني توري طمأنة للشعب في تسيير للبلاد نحو الاحتكام لصناديق الاقتراع وهي العملية التي كانت ستتوج بجولة من الانتخابات ابريل القادم ،والتي كان قد أعلن الرئيس المنقلب عليه نيته عدم الرشح فيها ، بيد أن صغار الضباط لم يعجبهم الأمر ولا الحالة العامة التي عليها البلاد منذ عقدين من التحرك الديمقراطي فقرروا الإطاحة بنظامهم والقبض علي عدد من أعضاء حكومته ، وأعلنوا حالة الطورائ عبر وسائل الإعلام العمومية التي احتلوها لتدخل الدولة المالية في مرحلة من عدم الاستقرار قد تطول في ظل عدم اعتراف دولي بالحكام الجدد
موافق دولية خجولة بالبداية وفي بيانات تحمل التنديد والشجب مؤكدة علي أهمية عودة البلاد إلي الحياة الدستورية ، بينما لم تحمل الساحة الداخلية المالية أية ردود فعل وجاء الرأي العام المحلي الشعبي المالي متعاطفا مع الانقلاب لحد كبير.الأحزاب السياسية الموريتانية كعادتها لم تتأخر عن إبداء موقفها من الحدث في الجارة علي الحدود وتباينت إلي حد جعل بعضها يحمل النظام القائم مسؤولية الانقلاب في مالي المشهد في مالي يلقي بظلاله علي موريتانيا لأنها الحديقة الخلفية فيما بات يعرف بالحرب علي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
غير أن الدرس المالي يعطي أكثر من مؤشر من بينها أن النظام المالي وجنرالاته كان متدثرا بحرب المخدرات وتجارة السلاح والتشدد الإسلامي ونظام العقيد القذافي ، ومن هنا انكشفت ورقة التوت بعد أن دخلت موريتانيا الساحة من خلال متابعة فلول القاعدة وقطع إمدادات تجارة المخدرات والمحرمات ليجد النظام المالي نفسه بلا موارد ، ومن جهة تزامن ذلك مع سقوط نظام العقيد القدافي ، وهكذا وجدت الدولة المالية الضعيفة نفسها في مواقف لا قدرة لها عليها ومن ذلك التسلح في مواجهة تمرد الطوارق الذين استفادوا من السلا ح الليبي ، في حين وقفت فرنسا المستعمر السابق وصاحبة النفوذ الكبير في المنطقة تتفرج علي صديقها آمادو توري دون أن تحرك ساكنا ، وهي التي لا يخفي عليها دبيب النمل في تلك البلاد الهامة جغرافيا واستراتيجيا.
مالي بلد سيدخل رهانا صعبا في ظل وضعية داخلية مقلقة إن علي المستوي الاقتصادي أو الأمني بما فيها وقف تقدم الطوارق في الشمال أو كبح تحركات الجماعات المسلحة وتنافس القوي الكبري وشبه الإقليمية أو الحراك الداخلي لتجد موريتانيا الجارة القريبة نفسها متأثرة بالحالة المالية إن علي مستوي اللاجئين أو الأزمة السياسية التي ستكون انواكشوط أحد اللاعبين الكبار فيها ، وهو ما سيلقي بظلاله علي التجاذب الداخلي الوطني فما بات يعرف ب "المعارضة المقاطعة " تبحث عن رحيل النظام ولو نحو المجهول ،
بينما يجد النظام متنفسا في الخارج من خلال عدة ملفات ليس من أقلها ملف عبد الله السنوسي المدير السابق للمخابرات الليبية زمن العقيد القذافي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق