إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 21 أغسطس 2011

صدرية النجاة بين قوانين صارمة وثقافة بحرية غائبة


تعصف الحوادث التي  يشهدها  قطاع الصيد وخاصة الصيد التقليدي بمئات الضحايا الذين يقضون من جراء حوادث البحر ،فلا يكاد يمر أسبوع تقريبا دون الإعلان عن تعرض زورق بحري على الأقل لحادث وغرق كل البحارة على متنه وهناك من يقول إن الحوادث التي لا يبلغ عنها أكثر، مما ينذر بخطورة الو ضع

هذه الأوضاع المأساوية دفعتنا في "مدونة انوايبو " لفتح تحقيق حول السلامة البحرية التي تعتمدها الدولة للعاملين في قطاع الصيد وخاصة الصيد التقليدي
ويأتي هذا التحقيق الصحفي الأول من نوعه ليكشف الحقيقة وراء حوادث البحر وخاصة غرق البحارة وما إذا كان بسبب تقاعس الدولة أم تفريط البحارة أنفسهم في الإحتياط والأخذ بالأسباب والتزام قوانين السلامة البحرية  .

وحرصا للموضوعية حاورنا جميع الأطراف المعنية بالموضوع من بحارة وخبراء بحريين بالإضافة إلى المندوبية لرقابة الصيد البحري

 
الولوج الفجائي للقطاع وراء حوادث الغرق
محمد سعد بوه ولد ألمين /خبير ومكون بحري

للحديث عن صدرية النجاة أو قميص الانقاذ ،يجب أن نلقي النظر على الواقع البحري وثقافة المجتمع الموريتاني البحرية ، من المعلوم أن المجتمع الموريتاني مجتمعا بدويا في نمط حياته إلا أن هذا الإعتماد على البداوة  في الحياة الاقتصادية وخصوصا بعد المجاعة  في أواخر ستينيات القرن الماضي

أثرت بشكل كبير على التفكير الاقتصادي للمجتمع الموريتاني مما اضطر الكثير منهم   للنزوح إلى المدن الساحلية ، نوايبو وانواكشوط وقرى النهر وطبعا ولجوا القطاع في ظل انعدام الثقافة البحرية لدى معظمهم باستثناء القرى البحرية "ايمراغن " والنهرية "انجاجو"
  
هذا الواقع أدى إلى أن فقد الكثير من العاملين في قطاع الصيد وخاصة التقليدي منه غرقا
 وفي ظل استراتيجية الدولة المتجهة إلى استغلال الصيد التقليدي كبديل للنشاط الزراعي ،ويتمثل توجه الدولة في عمليات الدمج المتمثلة في دعم وتكوين البحارة ولما كانت سلامة البحار أولوية ،اعتمدت الدولة نظم للسلامة البحرية من قبيل :
تركيز السلامة البحرية في المناهج التعليمية
التكوين النظري والتطبيقي
توفير المعدات
كتب ونشريات
إلا أن عملنا هذا تعترضه الكثير من العوائق أهمها :
نقص الوعي بأهمية السلامة البحرية
أزمة ثقة البحار بقدرة الصدرية البحرية على إنقاذه
غياب  القوانين الضابطة للصيد التقليدي أصلا
  
البحارة ... ضعف في الوعي وغياب ثقافة بحرية

إضافة تسمية توضيحية

قامت المدونة بزيارة لميناء الصيد التقليدي قصد استطلاع رأيهم حول "صدرية النجاة " وكانت الملاحظة التي سجلناها هي غياب تام لصدرية النجاة
بعد ذلك توجهنا إلى زورق يستعد لرحلة صيد وطبعا لم يكن البحارة يرتدون صدرية النجاة .

وفي جواب على سؤال لماذا لا ترتدون صدرية النجاة ؟أجاب البحار سعيد وقد غلب عليه  الضحك ،إن البعض من البحارة بدلا من أن يستخدم صدرية النجاة لإنقاذ نفسه يستخدمها كـ "بي " تساعد في رفع حبال الشبكة على سطح البحر

أما البحار باكي يقول إنه يشعر بضيق التنفس عندما يجعل صدرية النجاة ،في حين قال البحار الثالث :إن الجهل هو السبب الأول وراء عدم اهتمام البحارة بارتداء صدرية النجاة و إن كان غالب البحارة يستخدمونها في حالة الأجواء السيئة للبحر

وفي سؤال للمدونة حول ما إذا  كانوا قد خضعوا لتكوين حول السترة أجاب سعيد لم نكون على استخدام صدرية النجاة

اما السيد محمدن ولد باب مالك لسفينة على أهبة للانطلاق وقد اكتمل بحارته ، يقول إن صدرية النجاة متوفرة وأن بحارته يتوفر كل واحد منهم على سترة
وفي رده على سؤال  من المسئول عن توفير الصدرية قال ولد باب في الغالب يتولى مالك السفينة توفير صدريات النجاة

ويضيف ولد باب نحن نواجه مشكلة في سعر صدرية النجاة وخاصة في فترة افتتاح الصيد حيث يتراوح سعرها ما بين  5000إلى 6000 أوقية والسبب يقول ولد باب هو دقة التفتيش التي تقوم بها البحرية الوطنية ،حيث تمنع كل سفينة لا يحمل بحارتها صدرية النجاة وبعد ذلك تبدأ البحرية في تجاهل الأمر على حد قول مالك السفينة محمدن ولد باب

المندوبية : انخفاض حوادث الغرق من 200 سنويا إلى 31

المندوب المساعد :فضيلي ولد سيداتي

 يقول المندوب المساعد فضيلي ولد سيدات :إن قضية صدرية النجاة تأتي في أولوية المندوبية وقد كانت في البداية متابعتها لمركز التنسيق وهذا المركز حل وأصبح تابعا للمندوبية بشكل مباشرة ومنذ ذلك الوقت ونحن في المندوبية تبذل قصارى جهودناا في توعية البحارة بضرورة استخدام صدرية النجاة

وذلك من خلال زيارة القرى البحرية وتوزيع أكثر من 2000 صدرية مجانا ،بالإضافة  إلى إصدار مقرر قانوني رقم 0033/26/1994 يلزم جميع العاملين في قطاع الصيد بتوفير صدرية النجاة للبحارة على متن الزورق ،هذا بالإضافة إلى تعميمات صارمة إلى وسطاء القطاع وخاصة الاتحادية الوطنية للصيد

وفي تعليق لنائب المندوب  السيد فضيلي ولد سيداتي على سعر صدرية النجاة والتلاعب به من طرف البعض وخاصة عند الافتتاح ، قال أولا،ليس من اختصاصنا الحديث عن السعر ولكن في تقديري إن حياة الإنسان يجب أن لا تقدر بثمن وما دام بعض البحارة يعترضون على السعر فهذا دليل على قلة وعي منهم

ويضيف ولد سيداتي إن من أهم المعوقات التي تحول دون تبنينا قوانين صارمة هي اتهام معظم البحارة لنا -طبعا لجهلهم -أن التفتيش الدقيق عن مستلزمات النجاة الفردية وعلى رأسها صدرية النجاة ،هو استهداف لملاك السفن ومحاولة عرقلة عملهم ورغم هذا فنحن ماضون في التطبيق الصارم لكل إجراءات السلامة البحرية ،ويشجعنا على ذلك هو تراجع الضحايا بشكل ملاحظ بعد اعتماد إجراءات السلامة كما تشير الإحصاءات :
في الفترة من 2009/2010 تم تسجيل 31 حادثا كلها حالة غرق أفراد تم إنقاذ 106 واختفاء خمسون والمختفون يعتبرون أمواتا

وهو تراجع واضح بالمقارنة مع الحوادث التي كانت تصل إلى 200 حادث في  السنوات التي سبقت إنشاء مركز التنسيق والإنقاذ البحري

والجدول يوضح ذلك (المصدر المندوبية )

عدد من تم إنقاذهم
عدد المختفين  (الأموات)
رقم الحادث
4
1
1
4
2
2
5
0
3
3
2
4
12
0
5
5
0
6
4
1
7
0
1
8
4
1
9
0
1
10
30
6
11
2
0
12
1
0
13
0
7
14
2
2
15
1
3
16
4
2
17
0
1
18
0
1
19
3
0
20
0
1
21
4
1
22
0
1
23
5
1
24
3
1
25
4
1
26
5
0
27
0
4
28
1
4
29
1
4
30
106
50
المجموع

ولد عبيد : تجدد العاملين في القطاع عائق في وجه عملنا التعبوي حول السلامة البحرية
رئيس قسم الصيد التقليدي :ولد عبيد (صورة قديمة)

ويقول السيد سيد احمد ولد عبيد رئيس قسم الصيد التقليدي التابع للاتحادية الوطنية للصيد ،إنهم بذلوا جهودا لصالح البحارة حول السلامة البحرية مع شركاء دوليين وتمثلت هذه الجهود في دورات تكوينية في المدرسة البحرية ،التي تسهم اتحاديتنا بـ 40%من ميزانيتها السنوية وتمت التكوينات بالتعاون مع منظمة فرنسية

وفي نفس الإطار قمنا بتكوين مكونين بما فيهم أساتذة في المدرسة البحرية وهذه المرة مع شريك كندي،ويضيف ولد عبيد إن غياب الوعي يشكل عائقا كبيرا ولكن مع مرور الوقت بدأت الصورة تتحسن وأخذت الثقافة البحرية بالتشكل لدى معظم البحارة

ودورنا في السلامة البحرية هو دور تكويني وارشادي وقد قمنا بتوفير معدات السلامة البحرية وعلى رأسها صدرية النجاة وقد اضطرنا حين نفدت من السوق إلى التعامل مع رجل أعمال لتوفيرها وبسعر مناسب

وفي هذا الشهر يقول ولد عبيد  سنوزع 5000 صدرية نجاة وذلك في إطار مشروع مشترك بين موريتانيا والسنغال لصيد سمك الكوربين وأزول ...

وحول ما إذا كان قسم الصيد التقليدي يمتلك إحصائيات حول عدد المستفيدين من البحارة قال ولد عبيد إنهم في حدود 2000أو3000 بحارا

وحول تشخيص ولد عبيد لواقع العاملين في قطاع الصيد قال إن البحارة في العالم –وأنا زرت العديد من الدول الأوربية – متشابهون فهم إما من المنحدرين من عائلات بحرية أو اصحاب المستويات التعليمية المتدنية

وفي هذا الصدد يقول ولد عبيد قمنا بفتح أقسام للتعليم الأبجدي للبحارة وأسرهم مثل تجربتنا مع حي ملح بنوايبو قبل أن يرحل ،كما يوجد الآن مركز للتعبئة في الصيد التقليدي يقدم جميع الإرشادات للصيادين وعلى رأسها السلامة البحرية

ويقترح ولد عبيد من أجل ضمان توعية بحرية مؤثرة وذات جدوائية ،يقول إنه يقترح  إلزامية إخضاع البحارة لدروس مستمرة حول السلامة البحرية وعلى رأسها صدرية النجاة وتكون هذه الدروس مع كل افتتاح للصيد التقليدي

ويقول ولد عبيد إنهم في إطار حرصهم على السلامة البحرية طلبوا من الوزارة توفير خطوط اتصال مجانية للبحارة مما سيسهم في تفعيل السلامة البحرية على حد قوله .

كما عارض ولد عبيد حل مركز التنسق والإنقاذ البحري وإلحاقه بالمندوبية مقترحا أن يبقى على استقلاليته مع توفير الوسائل والمعدات الكفيلة بجعله يقوم بدوره في السلامة البحرية وبالتالي يبقى للمندوبية دورها الرقابي والتفتيشي

القطاع يحتاج إلى تكوين تطبيقي واشراك البحارة أنفسهم  

SLTM:محمد محمود ولد زيني

"                   SLTM   أما محمد محمود ولد زيني "
فيرى أن السلطات ما تزال تعطي الأولوية للأوراق المهمة للقارب وقبطانه لأنها تجلب لهم 16000 أوقية على القارب المخالف ولا تسأل عن صدرية النجاة إلا على استحياء على حد قوله

كما أعتبر أن التكوين الذي تقوم به كل من المندوبية والمدرسة محدود حيث يشمل تكوين المدرسة تلاميذ المدرسة في حين يشمل تكوين المندوبية الفرق العاملة على عملية الإنقاذ.

ويطالب بتوجيه التكوين إلى البحارة في قطاع الصيد التقليدي ،وخاصة أنهم يفتقدون الثقافة البحرية وولوجهم أصلا للقطاع بدافع العمل والثراء وهذا ما يجعل عملية التكوين على صدرية النجاة يجب أن يكون تطبيقيا وميدانيا ،لا أن يختصر على كتيبات ونشريات توزع على بحارة غالبيتهم لا يقرأون على حد وصف ولد زيني .

وقال  ولد زيني تعليقا على حل مركز التنسيق البحري الذي ثمن الدور الذي كان يقوم به قائلا  إن استقلاليته عن المندوبية تجعل العمل في القطاع مفتوحا ،بينما إلحاقه بالمندوبية فيعني احتكار العمل البحري على البحرية الوطنية وهذا لا يخلو من بعض المحاذير .

ليست هناك تعليقات: