الكاتب والأستاذ المعلوم ولد أوبك |
لا تزال مفردة محاربة الفساد من بين أكثر المفردات ترددا وترديدا على لسان النظام الحاكم فلا يكاد يضيع على نفسه أي حدث بدون أن يشير إلى أن الحرب على الفساد مستمرة ولا تراجع عنها , حرب تمضي على ما يبدوا في الاتجاه الخاطئ في ظل ازدياد أعاجينالفساد إذ القرابة والتخندق السياسي والقبيلة والمكانة الاجتماعية ستار لقوى تتحرك في الخلف لبقاء طواويس الفساد علي حالهم , غافلا النظام العزيزي أن هنالك فرق كبير بين مواجهة فساد ذات هدف و رؤية وحرب للفساد بدون هدف لا تشير إلا لأثر , لسنا مختلفين على أننا جميعا مع المحاسبة وفق القانون وضد محاربة الفساد الانتقائية , مع التصالح مع من أخطئوا وأنابوا واستغفروا بدون أن يعنى ذلك أبدا أن ننسى من سرق الوطن وأفسده بل سنظل نتذكر ونتذكر عسى أن تنفعنا الذكرى
لتعلموا أيها المفسدون الجدد أن الانتقائية في حربكم الفاسدة ضد الفساد لن تؤتي إلا تفريخا لمفسدين أكثر فسادا, وقوة لدى أصحاب الحق والضمائر الحية والنظيفة , فمادامت حربكم الفاسدة الانتقائية على الفاسدين فقط مع ترك المفسدين يمرحون ويفسدون مشارق الوطن ومغاربه فلتنتظروا سخطا ونقمة ستقلعكم من جذوركم لتستريح منكم البلاد والعباد , فلن يستمر الشعب في قبول سلطة مصدر اعتدادها تفريخ أزمات لا تقود إلا إلى فساد ومفسدين جدد يتناسلون بكثرة ثم لا يلبثوا أن يشكلوا حاضنات تخمير لفساد آخر متصل الحلقات تتراكم مصالح عرابيه كأكاليل شوك تنغرز في لحم البلد على شكل تصدعات رأسية وأفقية تفضي بالعباد والبلاد إلى ما هم عليه اليوم من بؤس وجحيم أحوال .
إن آمالنا في محاربة نظام عزيز للفساد غائبة لا وجود لها إذا لم يكن هناك خروج عن المألوف في مواجهة الفساد ومرتكبيه وتجاوز سياسات أثبتت فشلها وتبنى أسس للمحاربة جديدة لها أهدافها واستراتيجياتها الواضحة لانتشال تردي الأوضاع الذي تمر به موريتانيا
لا أعدو الحق إذا قلت إنه في أنه في السنوات الخمس الأخيرة قد نجحت فئة صغيرة في التحكم بواقعنا منفردة بإدارته والتلاعب به والأشنع من كل ذلك تزايد تلاميذهم باستفحال مع حصر الفساد بعدة أشخاص بعينهم تتم التضحية بهم فيما الرموز الفاسدة الكبرى في معزل عن المساءلة , من غير الطبيعي أن تكون محاربة الفساد تتم بصورة انتقائية من خلال ترك أشخاص دون محاكمة و محاسبة ومحاكمة آخرين علي جانب واحد من جوانب فسادهم وترك الباقي , ولنعلم جيدا أنه إذا أستمر الأمر على ما هو عليه في المحاربة الانتقائية للفساد فسيكون الأمر مدمرا لآدمية النظام ومستقبل البلد , وستظل البلاد تعاني وتعاني من ثالوث الانتقائية والاستبداد والفساد المرعب , فالقضاء على الفساد أمر غير ممكن في ظل نظام يحمي الفاسدين الكبار ويلقي في النار بعض الصغار لتلهية الناس , فالفساد ليس فقط أفراد وإنما نظام متكامل يقاوم كل محاولات الإصلاح , وقضيته ( الفساد ) ليست غياب ضمير أفراد بقدر ما هي فساد قوانين وتشريعات وبيروقراطية جاهزة لكي تحلل كل شيء وتمنع كل شيء في نفس الوقت , الفساد نظام وقوانين وتشريعات تتسرب إلي مناخ الحياة العامة , فالنظام بقوانينه وتشريعاته التي تعود أصولها كلها إلي مرحلة ما بعد الاستقلال لم يقف فقط وراء الفساد وإنما كذلك كان وراء اختيار الأشخاص والقيادات التي مارست الفساد أومتهمة بالفساد .
ليتسع صدرك يا عزيز ولتسمعها مني إنك تسمح لثلة قليلة من المقربين بالتمسك بمقدرات البلاد بتزاوجها بين السلطة والثروة مما يؤدي لظهور الطبقية المستفزة وانتشار الفساد وغياب العدالة الاجتماعية واتساع الهوة والمعاناة من القهر والفقر والكبت............... الخ , أخيرا لنظل نتذكر جميعا أن بقاء فاسد واحد سيكون خميرة لنشر الفساد من جديد كما أن وجود تفاحة واحدة فاسدة في سلة تفاح ستؤدي إلي إفساد التفاح حولها, والفساد هو الذي جعل المواطن الموريتاني يشعر بأن هذا البلد ليس بلده ويفضل البقاء في بلدان أخرى حتى ولو كان مصيره الموت بها
أخيرا لن نصدق كل محارب للفساد إلا بعد مشاهدة تجربته في تلك الحرب , فليس كل من يتشدق بمحاربة الفساد يصلح لمحاربته ولا كل من أسندت له هيئة لمحاربة الفساد يمكن أن يكون أميناً على دور هذه الهيئة فلا يزال الأبرياء يذرفون دموعاً لم تجف , ولا يزال المتهمون يسيحون في كل حدب وصوب فمتى تأخذ عدالة محاربة الفساد طريقها إلى النور ؟؟؟؟؟
بقلم الأستاذ : المعلوم ولد أوبك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق